فصل: 21- السجود عند قراءة آية سجدة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم



.21- السجود عند قراءة آية سجدة:

يسن السجود عند قراءة آية من آيات السجدة في القرآن الكريم.
وإلى هذا ذهب الجمهور من العلماء على اختلاف بينهم في أعداد هذه الآيات التي يسجد عندها، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى وجوب السجود للتلاوة، والواجب عنده فوق السنة، ودون الفرض على ما هو اصطلاحه في هذا.
وآيات السجدة ذكرت في خمسة عشر موضعا وهي:
(1) في الأعراف.
(2) والرعد.
(3) والنحل.
(4) والإسراء.
(5) ومريم.
(6، 7) وفي الحج سجدتان.
(8) والفرقان.
(9) والنمل.
(10) و{الم * تنزيل}.
(11) {ص}.
(12) و{حم} فصلت.
(13) والنجم.
(14) و{إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ}.
(15) و{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}.
وقد اختلفت أقوال العلماء في مواضع السجود من هذه المواضع، فذهب الإمام أحمد وآخرون إلى السجود في هذه المواضع الخمسة عشر وذهب الإمام أبو حنيفة وآخرون إلى السجود في أربعة عشر موضعا فعدها كلها إلا سجدة الحج الثانية؛ واعتبر سجدة ص من عزائم السجود.
وذهب الإمام الشافعي وطائفة إلى السجود في أربعة عشر موضعا أيضا غير أنه عد آيتي الحج وترك آية ص، وقالوا أنها سجدة شكر وليس من عزائم السجود.
وذهب الإمام مالك وآخرون إلى السجود في أحد عشر موضعا فأسقط سجدات المفصل- النجم، والانشقاق، واقرأ- وسجدة (ص)، ومواضع السجدات معروفة ومشار إليها في معظم المصاحف، إن لم يكن كلها، واختلفوا في موضع سجدة (حم فصلت)، فقال مالك وطائفة من السلف هي عقب قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} وقال أبو حنيفة والشافعي- رحمهما الله- والجمهور إلى أنها عقب قوله تعالى: {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} وسجود التلاوة واجبا كان أم سنة- على القارئ، والمستمع له ويستحب أيضا للسامع الذي لا يسمع لكن لا يتأكد في حقه تأكده في حق المستمع المصغي.

.22- اختيار أفضل الأوقات للقراءة:

قال الإمام النووي: الأوقات المختارة للقراءة أفضلها ما كان في الصلاة، ثم الليل ثم نصفه الأخير، وهي بين المغرب والعشاء محبوبة، وأفضل النهار بعد الصبح ولا تكره في شيء من الأوقات لمعنى فيه، وأما ما رواه ابن أبي داود عن معاذ بن رفاعة عن مشايخه أنهم كرهوا القراءة بعد العصر، وقالوا: هو دراسة يهود فغير مقبول، ولا أصل له، ونختار من الأيام يوم عرفة، ثم الجمعة، والاثنين، والخميس، ومن الأعشار العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، ومن الشهور رمضان، ونختار لابتدائه ليلة الجمعة، ونختمه ليلة الخميس، فقد روى ابن أبي داود عن عثمان بن عفان أنه كان يفعل ذلك، والأفضل، الختم أول النهار، أو أول الليل لما رواه الدارمي بسند حسن عن سعد بن أبي وقاص قال: إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وإن وافق ختمه أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، قال في الإحياء: ويكون الختم أول النهار في ركعتي الفجر وأول الليل في ركعتي سنة المغرب، وعن ابن المبارك يستحب الختم في الشتاء أول الليل، وفي الصيف أول النهار، وهي آراء على سبيل الاستحباب لا على سبيل الإلزام، ولا أدري ما وجه تفرقة ابن المبارك بين الشتاء والصيف، ويسن صوم يوم الختم، أخرجه ابن أبي داود عن جماعة من التابعين، ويستحب أن يحضر أهله وأصدقاؤه، أخرج الطبراني عن أنس أنه كان إذا ختم القرءان جمع أهله ودعا. وأخرج ابن ابي داود عن الحكم بن عتيبة قال: أرسل إليّ مجاهد، وعنده ابن ابي أمامة وقالا: إنا أرسلنا إليك، لأنا أردنا أن نختم القرآن، ويقول: عنده تنزل الرحمة.

.23- التكبير عند قراءة السور القصار من القرآن:

يستحب التكبير من الضحى إلى آخر القرآن، وهي قراءة المكيين، والدليل على هذا ما أخرجه البيهقي في شعب الإيمان وابن خزيمة من طريق ابن أبي بزة قال: سمعت عكرمة بن سليمان قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله المكي فلما بلغت الضحى قال: كبر حتى تختم، فإني قرأت على عبد الله بن كثير فأمرني بذلك، وقال: قرأت على مجاهد فأمرني بذلك، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب، فأمره بذلك، كذا أخرجناه موقوفا، ثم أخرجه البيهقي من وجه آخر عن ابن أبي بزة مرفوعا، وأخرجه من هذا الوجه- أعني المرفوع- الحاكم في مستدركه، وصححه، وله طرق كثيرة عن البزي وعن موسى بن هارون قال: قال لي البزي: قال لي محمد بن إدريس الشافعي: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن نبيك، قال الحافظ عماد الدين بن كثير وهذا يقتضي تصحيحه للحديث.
وقد اختلفت وجهة العلماء في السر في هذا التكبير، فروى أبو العلاء الهمداني عن البزي، أن الأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انقطع عنه الوحي فقال المشركون: قلا محمدا ربّه، فنزلت سورة الضحى، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن كثير: ولم يرد ذلك بإسناد يحكم عليه بصحة ولا ضعف.
وقال الحليمي: نكتة التكبير التشبيه للقراءة بصوم رمضان، إذا أكمل عدته يكبر، فكذا هنا يكبر إذا أكمل عدة السورة، قال: وصفته أن يقف بعد كل سورة وقفة قصيرة، ويقول: الله أكبر، وكذا قال سليم الرازي من الشافعية في تفسيره: يكبر بين كل سورتين تكبيرة، ولا يصل آخر السورة بالتكبير بل يفصل بينهما بسكتة، قال: ومن لا يكبر من القراء حجتهم أن في ذلك ذريعة إلى الزيادة في القرآن، بأن يداوم عليه فيتوهم أنه منه. وكذلك اختلفوا في ابتدائه، أهو من أول الضحى، أم من آخرها، وفي انتهائه.
أهو أول سورة الناس أم آخرها، وفي وصله بأولها، أو آخرها وقطعه، والخلاف في الكل مبني على أصل، وهو: أهو لأول السورة أم لآخرها وفي لفظه. فقيل: الله أكبر وقيل: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسواء في التكبير في الصلاة، وخارجها، صرح به السخاوي وأبو شامة.

.24- الدعاء عند الختم:

يسن الدعاء عقب الختم وذلك لحديث الطبراني، وغيره عن العرباض بن سارية مرفوعا: «من ختم القرآن فله دعوة مستجابة» وفي شعب الإيمان، من حديث أنس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، واستغفر ربه، فقد طلب الخير مكانه».

.25- الشروع في ختمة جديدة إذا فرغ من الختمة:

يسن إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقب الختم؛ لحديث الترمذي وغيره مرفوعا: «أحب الأعمال إلى الله الحال المرتحل، الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما أحل ارتحل».
وأخرج الدارمي بسند حسن عن ابن عباس عن أبي بن كعب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} افتتح من الحمد، ثم قرأ من البقرة إلى {وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ثم دعا بدعاء الختمة، ثم قام. وقد جرى عمل الناس أنهم إذا وصلوا إلى سورة الإخلاص كرروها ثلاثا وقد روي عن الإمام أحمد بن حنبل أنه منع من تكريرها عند الختم.
أقول: ولعل وجهة نظر الإمام أن لا يظن ظان أنها نزلت هكذا مكررة وقال بعضهم: الحكمة فيه ما ورد أنها تعدل ثلث القرآن، فيحصل بذلك ختمة، فإن قيل: كان ينبغي أن تقرأ أربعا ليحصل له ختمتان قلنا: المقصود أن يكون على يقين من ختمة إما التي قرأها، وإما التي حصل على ثوابها بتكرار، قال السيوطي: وحاصل ذلك يرجع إلى جبر ما لعله حصل في القراءة من خلل وكما قاس الحليمي التكبير عند الختم على التكبير عند إكمال رمضان فينبغي أن يقاس تكرير سورة الإخلاص على إتباع رمضان بست من شوال.

.حكم التكسب بالقرآن:

يكره اتخاذ القرآن معيشة يتكسب بها أي: بقراءته أن لا يكون له عمل غيره أو بالتسول به كما يفعل بعض الناس، والدليل على هذا ما أخرجه الآجري من حديث عمران بن الحصين مرفوعا: «من قرأ القرآن، فليسأل الله به فإنه سيأتي قوم يقرءون القرآن يسألون الناس به» وقد أخرج أبو عبيد، في فضائل القرآن عن أبي سعيد وصححه الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعلموا القرآن، واسألوا الله به قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، فإن القرآن يتعلمه ثلاثة نفر: رجل يباهي به ورجل يستأكل به ورجل يقرأه لله» وأخرج أحمد وأبو يعلى من حديث عبد الرحمن بن شبل رفعه: «اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به» الحديث، وسنده قوي كما قال الحافظ، وأخرج أبو عبيد عن عبد الله بن مسعود: سيجيء زمان يسأل فيه بالقرآن فإذا سألوكم فلا تعطوهم وروى البخاري في تاريخه الكبير بسند صالح حديث: «من قرأ القرآن عند ظالم ليرفع منه لعن بكل حرف عشر لعنات» وذلك لأنه يريد أن يصيب به دنيا من مال أو جاه أو زلفى.
ومن ثم نرى أن قراءة القرآن بأجر كما يفعل بعض القارئين اليوم، أو للتسول به حرام، أما أخذ الأجر على تحفيظ القرآن وتعليمه للناس أو بيان ما فيه من عقاب وأحكام وحكم فهذا لا شيء فيه بل فاعله مأجور وذو منزلة عند الله وإن كان من لا يأخذ عليه أجرا أعظم أجرا وأعلى منزلة عند الله، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، رواه أيضا أصحاب السنن الأربعة.
وقد كان بعض السلف يكرهون أخذ الأجرة على إقراء القرآن، وتجويده وتعليم العلم، ولكن جمهور العلماء على جواز أخذ الأجرة على تعليم العلم والقراءة وسائر الوظائف الدينية كالإمامة والخطابة والوعظ والتذكير، لأنه لو لم يعطوا أجرا لتعطلت هذه الوظائف، ولما وجد من يقوم بها فيدرس العلم ويندر- إن لم ينعدم- العلماء، وحفظة القرآن.